رحــــــــلة الــــــــــــــورد

رحــــــــلة الــــــــــــــورد
اليوم قررت أن أتمتع بأجازة أخلو فيها الي نفسي بعيدا عن كل ما يدور حولي وأن أغلق أبواب عقلي وقلبي وأترك مفاتيحها خلفي فاليوم أجازة
لم أجد مكان يلائم حالتى المزاجية وما أنا عليه سوى حديقة صغيرة علي أطراف مدينتي نادر ما يزورها أحد
ودعوت الله أن يمر يومي لا يعكر صفوه شئ
أخذت بعض الماء وثمرات التفاح وقليل من القهوة وأسرعت الي حديقة أجازتي ورأيت من بعيد مقعدي فأسرعت الية بشوق الولهان وأرتميت في أحضانه يا الله ما أجمل ما أري جمال اللون الأخضر وهو يمتزج بزرقة مياه بحيرة صغيرة تنساب من بين أغصانها وترقص مياها علي أنغام بلابلها
دعوت الله ألا يعكر صفو يومي أي شئ ورحت أتأمل ماحولي حتى وقع عينى علي المقعد المقابل لي وسألت نفسي هل سيظل خالي أم سأحظى بشريك وأطلقت لخيالي العنان ليسبح في تخيل هذا الشريك المنتظر وهل سيأتى أم لا ولكن أنه يوم وما أسرع ساعاته ولا يحتاج كل هذا التفكير
وبالفعل لم يطل أنتظارى فهناك من يدخل الحديقة وبهدؤ شديد ألقي بجسده علي المقعد المقابل
أنها فتاه فرحت أسترق النظرات بدون أن الفت أنتباها رحت أتأملها
تأملت تقاطيع وجهها فرأيت تقاطيع الزمن التي نحتتها الأيام دون توقف يا الله أي زمن وأي أيام فعلت بها هكذا فمازالت في ربيع عمرها كانت نظراتها الشاردة تحاول التقاط كل طيف يمر بها أما أبتسامتها الباهتة فلم تكن أكثر من علامة لما لاقته وما ساقها الي تلك الحديقة
تمنيت لو أن حياتها تمر من أمامي لأعرف أي الدروب سلكتها وأي الطرقات مشت وبأي الذكريات تحتفظ
يالا خجلي لقد لاحظت أنى لم أرفع عينى من عليها فأبتسمت فهربت عيناي الي الأرض . وعلي الأرض وجدت شريط حياتى أنا هذا الطفل الصغير الذي يطرق أبواب الخريف الأن وهذا الجسد الفتى أصابه الوهن وهذه الروح الذابلة كانت في ما مضي روحا تنبض
لقد كنت أحاول أن أقنع نفسي بتأجيل مشروع الشيخوخة وأعيش في سجن الشباب الدائم ولكنى كنت أعلم أنه سيأتى يوم يعجز جسدي عن تحمل كذبتى و أن مرآتي ستعلن لي الحقيقة عارية فأن للزمن حق علي لابد أن يسترده
رفعت رأسي ونظرت الي الفتاة فوجدت أن الهواء العليل و غدير العصافير ووجهها الذي غسلته من الغدير قد أعاد اليها الربيع
تهلل وجهي فرحا وهممت أن أهديها تفاحة من يدي وعندما هممت بالنهوض شعرت بأن كتله هائلة من السنين تنهض لتسير معي وعلمت أن كاهلي سيعجز عن حملها
للأسف عجزت عن أهدائها تفاحتي وأشفقت علي نفسي وتمنيت لو أنى املك رصيد من الأيام فأمنحها لها
يالها من أيام كنت أظن أنها تعطينا بينما نحن من يعطيها
أختفت الفتاة في ظلي وأنا أهم بالرحيل لقد قررت أن اكمل أجازتى في صومعتي و أن أحمد الله علي ما زرعت من ورود علي حافة شرفتي
ودمــــــــــــــــــــــتم سالمـــــــــــــــــــــــــــين