[size=16]باب ما ورد في العرش والكرسي
قال تعالى: {وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ} ، وقال: {وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَمَواتِ والأَرضَ}.
العرش والكرسي من نور الله
أخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن وهب بن منبه قال: (إِن اللَهَ تعالى خلق العرش والكرسي من نوره؛ فالعرش ملتصق بالكرسي ، والماء في جوف الكرسي ، وحول العرش أربعة أنهار: نهر من نور يتلألأ ، ونهر من نار تتلظى ، ونهر من ثلج أبيض ، تلتمع منه الأبصار ، ونهر من ماء ، والملائكة قيام في تلك الأنهار ، يسبحون الله تعالى ، وللعرش ألسنة بعدد ألسنة الخلق كلهم ، فهو يسبح الله تعالى ، ويذكره بتلك الألسنة).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن سعد الطائي قال: (العرش ياقوتة حمراء).
وأخرج سعيد بن منصور ، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: (ما أخذت السموات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض فلاة).
أربعة خلقوا بيد الله
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: (خلق الله أربعة أشياء بيده: آدم ، والعرش ، والقلم ، وجنة عدن ، وقال لسائر الخلق كن فكان).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: (ما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه ، وإن السموات في خلق العرش مثل قبة في صحراء).
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (إن العرش مطوق بحية ، والوحي ينزل في السلاسل).
وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العرش من ياقوتة حمراء ، وإن ملكا من الملائكة نظر إليه وغلى عظمه ، فأوحى الله إليه: إني قد جعلت فيك قوة سبعين ألف ملك ، لكل ملك سبعون ألف جناح ، فطر ، فطار الملك بما فيه من القوة والأجنحة ما شاء الله أن يطير ، فوق ، فنظر فكأنه لم يسر).
وأخرج عن مجاهد قال: (ما موضع كرسيه من العرش إلا مثل حلقة في أرض فلاة).
وأخرج عن الربيع بن أنس في قوله تعالى: {وَالسَّقفِ المَرفوعِ} قال: هو العرش {وَالبَحرِ المَسجورِ} قال: الماء الأعلى الذي تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: {وَالبَحرِ المَسجورِ} قال: بحر تحت العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن حماد قال: (خلق الله العرش من زمردة خضراء ، وخلق له أربعة قوائم من ياقوتة حمراء ، وخلق له ألف لسان ، وخلق في الأرض ألف أمة ، كل أمة تسبح الله بلسان من ألسنة العرش).
وأخرج - بسند واه - عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكرسي لؤلؤ ، والقلم لؤلؤ ، وطول القلم سبعمائة سنة ، وطول الكرسي حيث لا يعلمه إلا العالمون).
{وَكانَ عَرشُهُ عَلى الماءِ}: وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن الربيع ابن أنس رضي الله عنه قال: {وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ} قال: (لما خلق الله السموات والأرض قسم الماء الذي كان عليه عرشه قسمين ، فجعل نصفه تحت العرش وهو البحر المسجور ، فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل مثل الطل فتنبت منه الأجسام وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق السدى عن أبي مالك قال: (الكرسي تحت العرش).
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو الشيخ عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: (كرسيه الذي يوضع تحت العرش ، الذي يجعل الملوك عليه أقدامهم).
وأخرج الفريابي ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين عن ابن عباس قال: (الكرسي موضع القدمين ، وله أطيط ، والعرش لا يقدر أحد قدره) .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن أبي موسى الأشعري قال: (الكرسي موضع القدمين ، وله أطيط كأطيط الرحل).
قلت قوله: موضع القدمين استعارة وتمثيل بملوك الدنيا كما أوضحته رواية الضحاك عن ابن عباس.
قال: (لو أن السموات ، والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة).
وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر عن السدى قال: (إن السموات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: (كان الحق يقول: الكرسي هو العرش).
باب ما بين العرش والسماء السابعة
حجب الله
أخرج أبو الشيخ من طريق عن ابن عمر ، ومن طريق آخر عن مجاهد قال: (بين العرش وبين الملائكة سبعون حجابا ، حجاب من نار ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من ظلمة).
وأخرج عن مجاهد قال: (بين العرش والملائكة سبعون ألف حجاب من نور).
يا جبريل هل رأيت ربك؟
وأخرج أبو الشيخ عن زرارة بن أوفى قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل: هل رأيت ربك فانتفض وقال: (إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو دنوت من أدناها لاحترقت) .
وأخرج موصولا من حديث أنس مثله.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (احتجب الله عن جميع خلقه بأربع بنار وظلمة ، ثم بنور وظلمة من فوق السموات السبع ، والبحر الأعلى فوق ذلك كله ، تحت العرش).
وأخرج أبو الشيخ عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ، وما تسمع نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه).
أنواع الحجب
وأخرج عن القرظي قال: (بلغنا أن بين الجبار - عزوجل - وبين أدنى خلقه أربعة حجب ، ما بين كل حجابين كما بين السماء والأرض ، حجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من ماء ، وحجاب من نار بيضاء).
كم المسافة بين الحجاب والحجاب؟
وأخرج عن وهب بن منبه قال: (بين ملائكة حملة الكرسي ، وبين ملائكة العرش ، سبعون حجابا من الظلمة وسبعون حجابا من البرد ، وسبعون حجابا من الثلج ، وسبعون حجابا من النور ، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام ، ومن الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام).
وأخرج أبو الشيخ - بسند ضعيف - عن ابن عباس قال: (من السماء السابعة إلى العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام).
نور الشمس ونور العرش
وأخرج عن عكرمة قال: (الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي ، والكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش).
باب ما جاء في اللوح والقلم
قال تعالى: {في لَوحٍ مَحفوظ} ، وقال: {ن وَالقَلمِ}.
وصف اللوح المحفوظ
أخرج أبو الشيخ- بسند جيد- عن ابن عباس قال: (خلق الله اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام ، وقال للقلم- قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش: اكتب.. فقال القلم: وما أكتب؟ قال: علمي في خلقي ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة).
وصف القلم
وأخرج أبو الشيخ من طرق عن مالك بن دينار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله لوحا ، أحد وجهيه ياقوتة ، والوجه الثاني زمردة خضراء ، قلمه النور ، فيه يخلق ، وفيه يرزق ، وفيه يحيى ، وفيه يميت ، وفيه يعز ، وفيه يفعل ما يشاء في كل يوم وليلة).
وأخرج أبو الشيخ والطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (إن الله خلق من درة بيضاء ، دفتاه من ياقوتة حمراء وزبرجد ، قلمه نور ، وكتابه نور ينظر منه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق فيها ويرزق ، ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء).
لا إله إلا الله تدخل الجنة
وأخرج أبو الشيخ عن طريق أبي ظلال عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله لوحا من زبرجدة خضراء ، جعله تحت العرش ، وكتب فيه: إني أنا الله لا إله إلا أنا ، أرحم وأترحم ، جعلت بضعة عشر وثلاثمائة خلق ، من جاء بخُلُق منها مع شهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة).
في اللوح ثلاثمائة وخمس عشرة شريعة
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله لعيه وسلم: (إن بين يدي الله لوحا فيه ثلاثمائة وخمس عشرة شريعة ، يقول الرحمن: وعزتي وجلالي لا يأتيني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئا- فيه واحدة منكن- إلا أدخلته الجنة).
وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ في تفسيره قال: (إن الله كان عرشه على الماء ، وخلق السموات والأرض بالحق ، وخلق القلم ، فكتب به ما هو خالق ، وما هو كائن من خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من الخلق).
القلم هو أول شيء خلق
وأخرج أبو يعلى- بسند حسن- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، وأمره أن يكتب كل شيء).
ماذا يكتب القلم؟
وأخرح الطبراني- بسند حسن- عن ابن عباس قال: (إن الله خلق العرش فاستوى عليه ، ثم خلق القلم فأمره أن يجري بإذنه ، وعظم القلم ما بين السماء والأرض فقال: بم أجري يا رب قال: بما أنا خالق وكائن في خلقي: من قطر أو نبات ، أو خير أو شر- يعني به العمل- أو رزق أو أجل؛ فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأثبته الله في الكتاب المكنون عنده تحت العرش).
القلم خلقه الله من نور
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تبارك وتعالى أول شيء خلق ، خلق القلم وهو من نور مسيرة خمسمائة عام ، فأمره فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة).
وأخرج عن مجاهد قال: (خلق الله اليراع أول ما خلق من الأشياء- واليراع القصب- ثم خلق القلم من ذلك اليراع ثم قال: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة).
وأخرج- بسند واه- عن ابن عباس قال: (أول شيء خلق الله عزوجل العرش من نور ، ثم الكرسي ، ثم لوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه من ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة ، ويحيى ويميت ، ويعز ويذل ، ويرفع أقواما ، ويخفض أقواما ، ويفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، وخلق قلما من نور ، طوله خمسمائة عام ، وعرضه خمسمائة عام قبل أن يخلق الخلق ، وقال للقلم: (اكتب ، قال: وما أكتب قال: اكتب علمي في خلقي إلى أن تقوم الساعة ، فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة ، إن كتاب ذلك العلم على الله يسير هين ، وسنة القلم مشقوقة ، ينبع منه المدد).
باب ما ورد في السموات السبع والأرضين السبع
قال الله تعالى: {الَّذي خَلَقَ سَبعَ سَمَواتٍ وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ}.
أخرج ابن مردويه في مسنده ، وأبو الشيخ والبزار بسند صحيح عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام ، وغلظ كل منهما مسيرة خمسمائة عام ، كذلك إلى السماء السابعة ، والأرضين مثل ذلك ، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك).
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كثف الأرض مسيرة خمسمائة عام ، وكثف الثانية مثل ذلك ، وما بين كل أرضين مثل ذلك).
الرسول يصف المسافات بين السماوات والأرض
وأخرج الإمام أحمد في مسنده ، وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، والحاكم ، وأبو الشيخ عن العباس بن عبد المطلب قال: (كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدرون كم بين السماء والأرض قلنا: الله ورسوله أعلم: قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة ، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وفوق السماء السابعة بحر ، بين أعلاه وأسفله وأظلافهن كما بين السماء والأرض ، ثم فوق ذلك العرش ، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض).
وأخرج الترمذي ، وابن مردويه ، وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال: (كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت سحابة ، ففال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما هذه قالوا: الله وروسوله أعلم.
قال: هذه العنان ، هذه زوايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يعبدونه. قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: اله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك موج مكفوف وسقف محفوظ ، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك سماء أخرى ، ثم قال: هل تدرون ما بينهما قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات ، بين كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال فإن فوق ذلك العرش ، فهل تدرون كم بينهما قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: فإن بين ذلك كما بين السمائين ، أو كما قال ، ثم قال: ما تدرون ما تحتكم قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: أرض أخرى ، وبينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عدّ سبع أرضين ، بين كل أرض مسيرة خمسمائة عام).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ قال: {اللهُ الَّذي خَلَقَ سَبعَ سَمَواتٍ وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنَّ} وجعل ما بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض ، وجعل كثفها مثل ذلك ، وجعل ما بين كل أرض كما بين السماء الدنيا والأرض ، وكثف كل أرض مثل ذلك ، وكان العرش على الماء ، فرفع الماء حتى جعل عليه العرش ، ثم ذهب الماء حتى جعله تحت الأرضين السابعة).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي- في كتاب الرد على الجهمية وابو الشيخ عن ابن مسعودي قال: (ما بين الأرض والسماء مسيرة خمسمائة عام ، وما بين كل سمائين خمسمائة عام ،ومصير كل سماء- يعني غلظ ذلك- خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام).
كيف بدأ الخلق؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: (إن الله تبارك وتعالى كان عرشه على الماء ، لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق ، أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ، ثم أييس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والإثنين ، فخلق الأرض على الحوت ، والحوت هو النون الذي ذكره تعالى في القرآن بقوله: {ن وَالقَلَمِ} ، والحوت في الماء ، والماء على صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على الصخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ، ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض ، فأرسل عليها الجبال فقرت ، فالجبال تفخر على الأرض وذلك قوله تعالى: {وَألقى في الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَميدَ بِكُم} ، وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين: الثلاثاء والأربعاء {ثُمَّ اِستَوى إِلى السَماءِ وَهِيَ دُخانٌ} وذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين: الخميس والجمعة ، وإنما سمى يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض {وَأوحَى في كُلِّ سَمَاءٍ أَمرَها} قال: خلق في كل سماء خلقا من الملائكة ، والخلق الذي فيها من البحار والجبال وجبل البر ، وما لا يعلم ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين).
كيف فتق الله السموات والأرض؟
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {كانَتا رَتقاً فَفَتقَناهُما} قال: (كانت السموات والأرضون ملتزقتين ، فلما رفع السماء وأنبذها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله) .
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {كانَتا رَتقاً فَفَتقناهُما} قال: (من الأرضين معها ست فتلك سبع أرضين) ومن السماء ست سموات فتلك سبع سموات).
السماء قبة
وأخرج عن إياس بن معاوية قال: (السماء مقببة على الأرض مثل القبة).
وأخرج عن وهب قال: (شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين ، والبحار كأطراف الفسطاط).
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله على عرشه ، وعرشه على سمواته ، وسمواته على أرضه هكذا ، وقال بأصبعه: مثل القبة).
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى: {وَالسَّماءَ بِناءً} قال: بناء السماء على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض).
وأخرجن ابن جرير عن ابن عباس وناس من الصحابة في قوله تعالى: {وَالسَماءَ بِناءً} قال: (عَلى سقف الأرض كهيئة القبة).
السماء موج
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: (قال رجل: يا رسول: ما هذه السماء قال: هذا موج مكفوف عنكم).
صفات السموات السبع
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، والطبراني في الأوسط ، والترمذي ، وابن المنذر ، عن الربيع بن أنس قال: (السماء الدنيا: موج مكفوف ، والثانية: مرمرة بيضاء ، والثالثة: حديد ، والربعة: نحاس ، والخامسة: فضة ، والسادسة: ذهب ، والسابعة: ياقوتة حمراء).
وأخرج أبو الشيخ- بسند واه- عن سلمان الفارسي قال: (السماء الدنيا: من زمردة خضراء واسمها رقيعاء ، والثانية: من فضة بيضاء واسمها أزقلون ، والثالثة: من ياقوتة حمراء واسمها قيدوم ، والرابعة: من درة بيضاء واسمها ماعونا ، والخامسة: من ذهبة حمراء واسمها ريقا ، والسادسة: من ياقوتة صفراء واسمها دقناء ، والسابعة: من نور واسمها عريبا).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس من قوله تعالى: {وَالسَماءِ ذاتِ الحُبُكِ} قال: (ذات البهاء والجمال وإن بنيانها كالبرد المسلسل).
وأخرج عن الحسن في الآية قال: (ذات الخلق الحسن مجملة بالنجوم).
وأخرج عن أبي صالح في الآية قال: (ذات الخلق الشديد).
السماء الدنيا والسابعة
وأخرج عن علي بن أبي طالب قال: (اسم السماء الدنيا رقيع ، واسم السابعة الضراح).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب- الرد على الجهمية- عن عبد الله بن عمرو قال: (لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ، ولا سماء ، خلق الريح ، فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه ، وأثار ركامه ، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا ، فأمر الدخان فعلا وسما ونما ، فخلق منه السموات ، وخلق من الطين الأرضين وخلق من الزبد الجبال).
في أي الأيام خلقت السموات؟
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن سلام قال: (خلق الله السموات يوم الخميس والجمعة ، وأوحى في كل سماء أمرها).
وأخرج عن مجاهد قال: (خلق الله الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها دخان فذلك قوله: {ثُمَّ اِستَوى إِلى السَماءِ فَسواهُنَّ سَبعَ سَمَواتٍ} ، بعضهن فوق بعض وسبع أرضين بعضهن تحت بعض).
وأخرج أبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: (الأرض التي تحت هذه فيها حجارة أهل النار ، والتي تليها الريح العقيم ، والتي تليها عقارب أهل النار ، والتي تليها حيات أهل النار ، والتي تليها إبليس الأباليس).
وأخرج عن الدارمي قال: (الريح العقيم في الأرض الثانية ، والثالثة فيها حجارة النار ، والرابعة فيها عقارب النار ، والخامسة فيها حيات النار ، والسادسة فيها كبريت النار ، والسابعة فيها إبليس).
ما سجين؟
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد: (سجين صخرة تحت الأرض السابعة في جهنم تقلب فيجعل كتاب الفاجر تحتها).
وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عمرو مرفوعا: (الأرض الرابعة فيها كبريت جهنم ، والخامسة فيها حيات جهنم ، والسادسة فيها عقارب جهنم).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: (إن على الأرض الرابعة ، وما تحت الأرض الثالثة من الجن ما لو أنهم ظهروا لكم لم تروا معهم نور الشمس ، على كل زاوية منها خاتم من خواتيم الله ، على كل خاتم ملك من الملائكة ، يبعث الله كل يوم ملكا من عنده أن احتفظ بما عندك).
وأخرج البزار ، وابن عدي ، وأبو الشيخ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأرض: على ما هي؟ قال: (على الماء. قيل: أرأيت الماء على ماهو قال: على صخرة خضراء. قيل: أرأيت الصخرة على ما هي قال: على ظهر حوت يلتقي طرفاه بالعرش. قيل: أرأيت الحوت على ما هو قال: على كاهل ملك قدماه في الهواء).
وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: الأرضون السبع على صخرة ، والصخرة في كف ملك ، والملك على جناح الحوت ، والحوت في الماء ، والماء على الريح ، والريح على الهواء ، ريح عقيم لا تلقح ، وإن قرونها معلقة بالعرش).
وأخرج أبو الشيخ من طريق السدي عن أبي مالك قال: (الصخرة التي تحت الأرض منتهى الخلق ، على أرجائها أربعة أملاك ورؤوسهم تحت العرش).
وأخرج أيضا عنه قال: (إن الأرضين على حوت ، والسلسلة في أذن الحوت).
وأخرج أبو الشيخ عن وهب في قوله: {يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسينَ أَلفَ سَنَةٍ} قال: (هو ما بين أسفل الأرض إلى العرش).
الناس أكثر أم يأجوج ومأجوج؟
وأخرج أبو الشيخ عن وهب في قول عبدة بن أبي لبابة قال: (الدنيا سبعة أقاليم: فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم ،وسائر الناس في إقليم واحد).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي- في الرد على الجهمية- عن ابن عباس قال: (سيد السموات التي فيها العرش ، وسيد الأرضين الأرض التي أنت عليها).
وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: (خلق الله القمر من نور ، ألا تر أنه قال: {وَجَعَلَ القَمَرَ فيهِنَّ نوراً} ، وخلق الشمس من نار ، ألا ترى أنه قال: {وَجَعَلَ الشَّمسَ سِراجاً} ، والسراج لا يكون إلا من نار).
النيران أربع
وأخرج أبو الشيخ عن معاوية بن صالح أنه بلغه (أن النيران أربع: فنار تأكل وتشرب؛ وهي نار جهنم ، ونار لا تأكل ولا تشرب؛ وهي نار الدنيا ، ونار تأكل ولا تشرب؛ وهي النار التي خلقت منها الملائكة ، ونار تشرب ولا تأكل؛ وهي النار التي خلقت منها الشمس ، ومنها خلقت الشياطين).
وأخرج ابن مردويه وأبو الشيخ عن ابن عمر قال: (الشمس والقمر وجوههما إلى السماء ، وأقفيتهما إلى الأرض يضيئان من في السماء كما يضيئان من في الأرض).
وأخرج أبو الشيخ- بسند حسن- عن ابن عباس في قوله: {وَجعَلَ القَمَرَ فيهِنَّ نوراً} قال: قفاه مما يلي الأرض ووجهه مما يلي السماء).
نور الشمس مما خلق
وأخرج أبو الشيخ عن ابن شوذب قال: (الشمس جزء من ثلاثة آلاف جزء من نورتحت العرش).
وأخرج عن سلمان قال: (خلق الله الشمس من نور عرشه ، وكتب في وجهها: أنا الله لا إله إلا أنا ، صغت الشمس بقدرتي ، وأجريتها بأمري ، وكتب في بطنها: أنا الله لا إله إلا أنا ، رضاى كلام ، وغضبي كلام ، ورحمتي كلام ، وعذابي كلام ، وخلق القمر من نور حجابه الذي يليه ، ثم كتب في وجهه: إني أنا الله لا إله إلا أنا ، صغت القمر ، وخلقت الظلمات والنور ، فالظلمة ضلالة ، والنور هداي؛ أضل من شئت ، وأهدى من شئت ، وكتب في بطنه ، إن أنا الله لا إله إلا أنا ، خلقت الخير والشر بقدرتي وعزتي ابتلى بهما من شئت من خلقي).
كم طول الشمس وعرضها؟
وأخرج أبو الشيخ أبو الشيخ من طريق الكلبي عن أبي صالح أن رجلا قال له: (كم طول الشمس وكم عرضها قال: تسعمائة فرسخ ، في اثني عشر فرسخا ، وطول الكواكب اثنى عشر فرسخا ، في اثنى عشر فرسخا).
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وأبو الشيخ عن قتادة قال: (الشمس طولها ثمانون فرسخا ، في عرض ثمانين فرسخا).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عكرمة قال: (الشمس على قدر الدنيا).
وأخرجه من وجه آخر بلفظ: (سعة الأرض) بدل (قدر الدنيا) في الموضعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: (الشمس بمنزلة الساقية ، تجري بالنهار في السماء في فلكها ، فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها. قال: وكذلك القمر).
كيف تسبح الكواكب؟
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {في فَلَكٍ يَسبحَون} قال: (يدورون في أبواب السماء ، كما تدور الفلكة في المغزل).
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن البصري قال: (إذا غربت الشمس دارت في فلك السماء مما يلي دبر القبلة ، حتى ترجع إلى المشرق الذي تطلع منه ، وتجري في السماء من شرقها إلى غربها ، ثم ترجع إلى الأفق مما يلي إلى دبر القبلة إلى شرقها ، كذلك هي مسخرة في فلكها ، وكذلك القمر).
منقول [/size]